الرسائل البحرينية في المسألة الشيعية (103) :: 4 يناير 2020م

مقتل قاسم سليماني: الحدث ودلالات الحدث

كالعادة، ينشغل الناس بالتفاصيل المملة لحدث ما، ويغفلون عن الدلالات الخطيرة لهذا الحدث!

 

(1)

هؤلاء هم ثالوث الرعب والدمار والخراب والقتل والخطف والتهجير بيد الولي الفقيه والكاهن الأعظم: قاسم سليماني، وحسن نصر الله، وعبدالملك الحوثي.

سقط الأول والأخطر: قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، المجرم المجوسي الذي انصبت عليه لعنات الملايين من ضحاياه من أهل السنة والجماعة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

السفاح الذي وصفه الكاتب (ياسر الزعاترة) فقال: "بدون تردد؛ يمكن القول إن سليماني هو مهندس مشروع التمدد المذهبي الإيراني؛ لجهة التخطيط والتنفيذ في آن معا، وهذه حالة غريبة ومثيرة، وتعبّر من جهة أخرى عن قدرات الرجل الاستثنائية حيث كان يتنقل من بلد إلى آخر ويشرف بنفسه على معظم تفاصيل المشروع".

ومع ذلك، وواسفاه، فإن البعض من أهل الفضل والصلاح، من أهل السنة، ترحموا عليه وأثنوا عليه و(أدخلوه جنات النعيم)!

 

(2)

مقتل سليماني عزز الحقيقة الموجودة على الأرض منذ سنين، ومع ذلك كان يشكك بها البعض: أن ديار العرب أصبحت كلأً مباحا وأرضا مستباحة للأكاسرة الجدد.

أزلام الولي الفقيه يسرحون ويمرحون في ديار العراق والشام واليمن بكل حرية، وينتقلون من مكان لآخر تحت سمع وبصر الشرق والغرب بكل أريحية.

ليس حمقى داعش فقط الذين ألغوا الحدود بين العراق والشام! بل سليماني وأزلامه أيضا ألغوا الحدود بين فارس والعراق والشام! كان هذا الطاغية واليا على العراق والشام من قبَل كسرى.

 

(3)

سليماني وأمثاله كنز لا يقدّر بثمن بالنسبة لأمريكا، فلماذا حوّلته فجأة إلى أشلاء ممزقة.. لماذا الآن؟!

اعتدت إيران على أربع ناقِلات نفط قرب ميناء الفُجيرة في بحر عُمان في مايو 2019م، ولم تحرك أمريكا ساكنا.. أسقطت إيران طائرة أمريكية مسيرة غالية الثمن في يونيو 2019م، فكان رد الفعل الأمريكي في غاية التهافت.. وفي سبتمبر 2019م شنت إيران (مباشرة أو عن طريق الحوثيين) هجوما بالطائرات المسيرة والصواريخ على منشآت أرامكو، وهي منشآت ذات طابع استراتيجي خطير بالنسبة للعالم كله، ومع ذلك، تركت أمريكا سليماني يسرح ويمرح دون عقاب، فماذا حدث الآن؟!

كان الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد حادثا ذا دلالات خطيرة جدا. كيف وصل المتظاهرون بهذه السهولة إلى قلب هذه المنطقة الحصينة المسماة (المنطقة الخضراء)! هذه المنطقة بتعبير موسوعة ويكيبيديا "من أكثر المواقع العسكرية تحصنا في العراق، وهي مقر الدولة من حكومة وجيش، إلى جانب احتوائها على مقر السفارة الأمريكية ومقرات منظمات ووكالات حكومية وأجنبية لعدة دول".

طوال الأشهر الماضية كان المتظاهرون في بغداد يحاولون الوصول إلى هذه المنطقة الحصينة فيواجَهون بالحديد والنار، فلماذا وصل مهاجمو السفارة إلى المنطقة بهذه السهولة؟ الجواب: كان سليماني وأزلامه من مليشيات جيش الحشد الشيعي (جحش) هم من كان يمنع المتظاهرين، وهذه المليشيات متواجدة أصلا داخل وحوالي المنطقة الخضراء، فكان من السهل عليهم مهاجمة وإحراق السفارة، ولكن..

 

(4)

كل ذلك كان يحدث ضمن لعبة المناكفات وإظهار أوراق القوة بين الحليفين اللدودين أمريكا وإيران! ولكن قاسم سليماني أخطأ التقدير هذه المرة. الأمريكان يحملون ذكريات مرة وعقد نفسية تجاه مهاجمة سفاراتهم، فكان رد الفعل المزلزل، وتحولت الأسطورة (قاسم سليماني) إلى أشلاء ممزقة.

 

(5)

فعلت أمريكا فعلتها ليس من أجل سواد عيوننا، وليس من أجل حمايتنا، مع أنهم يستلمون مئات المليارات من أجل توفير هذه الحماية.

فعلت أمريكا فعلتها من أجل الحفاظ على هيبتها وسيادتها، ولأجل تذكير إيران أنها الطرف الأصغر، وليس الندّ، في لعبة المشاكسات واقتسام الغنائم.

 

اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بين أيديهم سالمين.