الرسائل البحرينية في المسألة الشيعية (110) :: 12 ديسمبر 2021م

سياسة تمكين الأقليات تدخل مرحلة جديدة

المقصود بالأقليات: اليهود والنصارى والمجوس بتنوعاتهم.

وقلنا في العنوان أعلاه: "مرحلة جديدة"، فما هي المرحلة القديمة؟ إنها مرحلة اتفاقية "سايكس بيكو"، والتي وقّعت بين القوى الاستعمارية عام 1916م، واستكملت أركانها مع "وعد بلفور" عام 1917م، وبدأ التنفيذ مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية عام 1918م.

 

ففي لبنان: بدأ الاستعمار الفرنسي العمل على فصل لبنان عن الكيان الشامي الكبير منذ عام 1920م، ونال الكيان الجديد استقلاله التام عام 1946م.

ومنذ ذلك الحين، تتحكم الأقليات في أهم المناصب السيادية: فرئيس الجمهورية نصراني، وقائد الجيش كذلك، ورئيس مجلس النواب شيعي. أما منصب رئيس الوزراء الخاص بالسنّة فهو منصب لا يسمن ولا يغني من جوع.

 

وفي فلسطين: بدأ الاستعمار البريطاني تنفيذه لوعده المشئوم بتسليم فلسطين لليهود منذ دخوله القدس عام 1917م، واكتملت المؤامرة عام 1948م بقيام (دولة إسرائيل)!

 

وفي سوريا: أخذ الاستعمار الفرنسي يعمل على تقوية وإبراز الأقليات من ملل ونحل منذ اليوم الأول لدخوله دمشق عام 1920م.

ومن ذلك، تشجيع هذه الأقليات على الانخراط في الجيش، وتأسيس الأحزاب السياسية، والتستر بلافتات خادعة من قومية وثورية واشتراكية وبعثية.

ولم تأت حقبة الستينات إلا وقد تكوّن "كوكتيل مجوسي" من النصيرية والاثنى عشرية والإسماعيلية والدرزية تتحكم في مقادير هذه الدولة السنية العتيدة.

 

أما المرحلة الجديدة لتمكين الأقليات، فقد بدأت مع الثورة الإيرانية عام 1979م، وهي ثورة نجحت بجهود وتعاون المخابرات الأمريكية والفرنسية، وقد فصلنا ذلك في مقال سابق.

 

ففي العراق: أصبح الشيعة يحكمون هذا البلد السني العريق منذ عام 2003م، وذلك بالتعاون التام وغير المعلن بين أمريكا وإيران.

 

وفي سوريا: زادت هيمنة الشيعة واختفت الهوية السنية تماما أو كادت.

 

وفي لبنان: أصبح حزب اللات والعزى مهيمنا على مقدرات الأمور بالتعاون الوثيق مع فصيل ماروني هو التيار الوطني الحر، وبعبارة أخرى: بتعاون وثيق بين إيران وفرنسا!

 

وفي اليمن: عاد التيار الإمامي الرافضي (المنسوب ظلما إلى الإمام زيد بن علي) إلى الحكم عام 2014م بدعم وتوجيه مباشرين من إيران، وسكوت تام ومريب من الدول الاستعمارية.

 

وفي البحرين: فشل المشروع الأمريكي الإيراني عام 2011م في تسليم الحكم إلى الشيعة، بفضل الله وكرمه ومنّه. وسيعيدون المحاولة إن آجلا أو عاجلا.

 

وفي دولة عربية مهمة: هناك طبخة تطبخ على نار هادئة جدا، وبمكر هائل جدا، للتمكين للشيعة في إحدى مناطقها، وللصوفية المخرّفة في منطقة أخرى، والله المستعان.

 

هذا ما خططت وتخطط له الملل والنحل بالتعاون مع القوى الخارجية المعادية..

ولكن سؤال الدهر هو: أين أهل السنّة من كل يحاك لها؟!

نحاول الإجابة -بإذن الله- في المقال القادم.