الرسائل البحرينية في المسألة الشيعية (88) :: 14 نوفمبر 2016م

مَن الصديق ومَن العدو في حربنا مع المجوس؟!

لا يحتاج الأمر إلى خبير عسكري استراتيجي ولا محلل سياسي عبقري كي نعي الآن أننا نواجه تحالفا ضد أهل السنة، مكونا من كل ملل الأرض: نصارى، يهود، مجوس، علمانيين، منافقين.. إلخ، وأن هذا التحالف موجه ضد مقدساتنا وعقائدنا وأراضينا، ويستهدف الشعوب والحكام معا، حتى أولئك الذين خدموا أعداءنا بكل (إخلاص) طوال العقود الماضية.

 

تقول كونداليزا رايس في كلمة لها أمام لجنة الاستماع في الكونغرس الأمريكي عام 2005م: "إن لدينا قائمة من الحلفاء في الشرق الأوسط انتهت صلاحيتهم، واستهلكوا تماماً، ويجب التخلص منهم، واستبدالهم بحلفاء جدد للولايات المتحدة"!

رايس ليست شخصية عادية، فقد كانت مستشارة للأمن القومي في الفترة من 2001-2005م، ثم وزيرة للخارجية في الفترة من 2005-2009م.

 

للأمريكان جهود قديمة في تهيئة المجوس للقيام بالدور المطلوب لمساعدتهم في قلب الأوضاع في المنطقة، والقضاء على أي احتمال مستقبلي لنهضة سنية، فقد درس الأعداء تاريخنا جيدا، وعلموا أن أهل السنة ينهضون بعد كل كبوة، ويستيقظون بعد كل غفوة، وتاريخنا مع الصليبيين ثم المغول ثم الدولة الصفوية خير دليل وأتم شاهد.

 

ساهم الأمريكان في انتصار الثورة المجوسية في إيران عام 1979م، وأرسلوا الجنرال روبرت هويزر، نائب رئيس أركان القوات الأمريكية في أوروبا إلى طهران (ليأمر) جنرالات الشاه بالوقوف عل الحياد وعدم التصدي للثوار، وهذا ما حصل.

 

نحن اليوم على مفترق طرق، وأمام تحد مصيري، ومن مستلزمات المعركة وضرورياتها وجود حلفاء يعتمد عليهم ويشاركوننا نفس الإحساس بالخطر.

 

عاصفة الحزم علمتنا الكثير، وخاصة حول مسألة مَن هو الحليف، ومَن هو العدو، ومَن هو (المصلحجي)! ونسجل هذه الملاحظات:

 

1) حققت المملكة العربية السعودية انتصارا حينما أخرجت السودان من بين براثن إيران.

أمضى هذا البلد أكثر من عقدين من الزمان وهو جالس في أحضان (الولي السفيه)، وها هو اليوم ينشر قواته في اليمن إلى جانب قوات الشرعية والمقاومة الوطنية.

 

2) كان من المتوقع من ثلاث دول تحديدا، هي مصر والأردن والمغرب، أن تقف معنا في معركتنا المصيرية لسبب معروف، وهو أن هذه الدول كانت مرشحة للانضمام إلى دول مجلس التعاون الخليجي.

أين هي هذه الدول اليوم؟! إنها بعيدة عنا كل البعد، فمحاولة ضمها للمجلس كان بهدف التصدي للدعاة والصالحين من أهل السنة! وليس للمجوس ومن معهم.

 

3) أما مصر، فهي أقرب لعدونا منا، وها هو عبد الفتاح السيسي يقيم علاقات مع الحوثيين من أول يوم، ويقف مع بشار النصيري ويزوده بالسلاح، ومستعد أن يتقاسم الغنيمة مع (الولي السفيه)!

هذا هو الحليف صاحب (مسافة السكة) الذي أعطيناه عشرات المليارات من خيراتنا! نحن بحاجة إلى من يشاركنا الهموم والإحساس بالخطر، وليس من يطمع في أموالنا ثم يرمينا وراءه ظهريا في أقرب فرصة.

 

4) الدولة السعودية بحاجة إلى أصدقاء حقيقيين وحلفاء يعتمد عليهم في الملمات.

أليس من العجب العجاب أن دولة خليجية تحارب الانقلابيين في اليمن وتعمل على تقسيم اليمن في آن واحد! ودولة خليجية ثانية جعلت من أراضيها معبرا للسلاح للحوثيين!

 

5) يبدو أن تركيا هي الدولة الأقرب إلينا والأنسب لإقامة تحالف قوي معها، فقد أدركت، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، أنها مقصودة أيضا بمخطط إعادة رسم المنطقة بما في ذلك إقامة كيانات جديدة وإزالة أخرى.

وأدركت أنها تتعرض للتآمر من قِبل (الحليف) الأمريكي و(الصديق) الإيراني. إن تركيا بحاجة إلينا حاجتنا نحن إليها، وقادتها يعبّرون عن ذلك في بعض تصريحاتهم. إذا كان الأمر كذلك، فما بالنا، في علاقاتنا معها، نقدّم رِجْلا ونؤخّر أخرى؟!

 

6) التصدي للمجوس وحلفائهم يستدعي ألاّ يقتصر الأمر على الأنظمة السياسية والحكومات، وإن كانت الحكومات هي رأس الحربة في المعركة، ولكن يجب إشراك الشعوب ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الأهلية أيضا.

لقد أمضت بعض دول الخليج السنوات الماضية وهي تخوض معارك وهمية ضد أطراف كان من المفترض كسبها إلى جانبنا، وليس الانشغال بمحاربتها وهدر الوقت والمال والطاقات في سبيل ذلك.

 

إن عدونا هو الذي قد بدت أنيابه بارزة اليوم ليقضي علينا نهائيا. هذا هو عدونا وليس (الوهابية) أو (الإخوان) أو (الإسلام السياسي)..