رسائل في الشأن البحريني والخليجي :: 12 ديسمبر 2011م

هكذا تهدم الدولة نفسها: الأوقاف السنية أنموذجا

يفترض في الدول التي تعاني من خطر المشاريع الطائفية البغيضة، كالبحرين مثلا، أن تتوحد القوى المحسوبة على أهل السنة والجماعة، رسمية كانت أم أهلية، في مواجهة هذا الخطر.

بمعنى آخر، يفترض أن هذه القوى، رسمية كانت أم أهلية، تسعى بكل جهدها، وبكافة إمكاناتها إلى توحيد صفوف القوى الوطنية المناوئة للمشاريع الطائفية وللأطماع الصفوية.

هذا هو ما يفترضه العقل السليم، والفطرة السوية، والقيادة الرشيدة!!

 

ولكن نظرة واحدة إلى أفعال وتصرفات (إدارة الأوقاف السنية) توحي لنا فورا أن لا عقل سليم! ولا فطرة سوية! ولا..! هذه أمثلة من صحافتنا المحلية توضح المقصود:

 

"علمت الوقت أن إدارة الأوقاف السنية أوقفت عضو كتلة المنبر الإسلامي محمد خالد عن الخطابة في مسجد كانو بمدينة حمد، وفي اتصال أجرته الوقت مع محمد خالد أكد الخبر وقال (نعم تم إيقافي عن صلاة الجمعة بقرار فردي من إدارة الأوقاف السنية). وأوضح خالد (أنا مسجل لدى الأوقاف السنية كخطيب احتياط بدلا من الشيخ جلال الشرقي في حالة سفره أو تعذره لأي سبب كان، وقبل شهر تقريبا كان الشيخ الشرقي في سفر، وكان من المفترض أن أكون الإمام مكانه، ومن باب العرف اتصلت بإدارة الأوقاف السنية لأستأذنهم في ذلك، إلا أنني فوجئت بقرار إيقافي عن نيابة الشيخ جلال الشرقي، وعندما استفسرت عن السبب عرفت أن رئيس الأوقاف السنية هو من اتخذ القرار بصورة فردية). وأضاف (أنا رفضت هذا القرار لعلمي أن إدارة الأوقاف السنية منتهية ولايته، وأن القرار هذا صدر بصورة فردية من رئيس الأوقاف السنية، وعندما أبديت رفضي لهذا القرار وأكدت لهم بأني أقوم بواجبي وأن الذي أرجعني إلى الخطابة هو جلالة الملك بعد أن كنت خطيبا احتياطيا في جامع العدلية، فوجئت باتصال من رئيس الأوقاف السنية الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة، إذ جرت مشادة كلامية بيني وبينه قررت بعدها التوقف عن الخطابة ولن أعود مرة أخرى إلا بإعادة الاعتبار لي، فأنا أعتقد أنني أهنت من هذا الأسلوب الذي تم التعامل معي به)". جريدة الوقت 14 يوليو 2007م

"ما يزال الوضع في إدارة الأوقاف السنية على ما هو عليه من التصرفات غير المسئولة من قبل بعض الموظفين والموجهة إلى مشايخنا أئمة المساجد وخطباء الجوامع الكرام، حيث غالباً ما يكون الأسلوب في التعامل من أولئك الموظفين صادراً من برج عاجي متضمناً أمراً ونهياً وتهديداً ووعيداً ثم عقاباً، حيث تحاك وتطبخ القرارات وتصدر منهم باسم الإدارة وكأننا في كتيبة عسكرية". جريدة النبأ 29 مايو 2010م

"لاحظوا معنا الفرق بين تعميمين صدرا من الأوقاف السنية والأوقاف الجعفرية لتعرفوا ما نتحدث عنه: فتعميم الأوقاف الجعفرية بشأن الانتخابات يقول (الأوقاف الجعفرية تدعو إلى إبعاد دُور العبادة عن الدعايات الانتخابية، وتؤكد أن استغلالها لتداول الأمور الدنيوية أمر خارج عن توجيهات الدين الحنيف)، أما الأوقاف السنية فجاء في تعميمها -وبالمناسبة لم يكن بالهاتف هذه المرة- (الأوقاف السنية تحظر في تعميم لها على جميع الخطباء والأئمة والمؤذنين وأعضاء اللجان التابعة للمساجد والجوامع والمشرفين على الصالات والمرافق الملحقة بها استخدام المساجد والجوامع وملحقاتها لأغراض الدعاية الانتخابية للمترشحين لانتخابات المجلس النيابي والمجالس البلدية بأية صورة من الصور، وتلوِّح بمعاقبة كل من يخالف تعميمها)". جريدة النبأ 29 مايو 2010م

"من هنا أكرر دائماً إن المطلوب من القيادة الرشيدة أن لا تفكر في صيد العصافير التي فوق الشجرة فقط وتتجاهل العصفور الذي في اليد فقد يطير هو الآخر لو زاد الإجحاف في حقه، فهل سمع أحدنا أن دائرة الأوقاف الشيعية تجرأت فأوقفت عالماً أو شيخاً من مشايخ الجوامع أو المآتم التي تشرف عليها يوماً؟ بالطبع لا". عبد الله العباسي، جريدة النبأ 30 ديسمبر 2009م

"قلنا وسنظل نقول أن أي قانون أو قرار لا تستطيع مؤسسات الدولة تطبيقه على الجميع عليها أن تبادر: إما بإلغائه أو إلى تعديله والنص فيه صراحة بشكل واضح بأنه يختص بفئة دون أخرى. فذلك أدعى للعدالة والمساواة وعدم التفرقة وأكثر منعاً لأن يردد المواطنون عبارتهم المكررة والمؤلمة والمحبطة (أبوي ما يقدر إلاّ على أمي) خاصة إذا تعلقت تلك القوانين بالمؤسسة الدينية من مساجد وجوامع ومنابر ومآتم يجب أن يُنتبه الآن إلى مقدار ضرر الشعور بالغبن والإضعاف والإحباط عند التباين والتناقض الواضح في تطبيق القانون على مؤسسة واستثناء مؤسسة مماثلة أخرى منه، وذلك بدون وجه حق، وبدون وجود نص صريح باعتماد هذا الاستثناء والتفرقة في التعامل بين المؤسستين الدينيتين. لن نعيد فنكرر ما سبق أن قلناه عن أسباب تغوّل (الوفاق) وجماعتها والتي كان من أهمها أن مؤسستهم الدينية (مساجد ومآتم ومنابر) ربما قد خرجت من (طوع) الدولة بينما مؤسستنا الدينية نحن أهل السنة والجماعة تعاني من فرط تطبيق قوانين وقرارات أحادية، أضعف الإسراف فيها هيبتها وتأثيرها، ولم يراعى عند تطبيقها المكانة المفترضة للعلماء والخطباء والأئمة ولم تُحفظ لهم منزلتهم المعروفة في شريعتنا الغراء، إلى الدرجة التي فجعنا مؤخراً بخبر وقف راتب إمام ومؤذن جامع الإسراء في منطقة عراد بسبب تشغيلهم ميكروفونات المسجد لإقامة صلاة العشاء خلال شهر رمضان المبارك الماضي". جمال زويد، أخبار الخليج 2 نوفمبر 2011م

"إن شخصية علمية وأكاديمية بهذا الوزن والتاريخ (الدكتور فريد هادي) كان من غير المستساغ إيقافها عن طريق اتصال من موظف صغير في إدارة الأوقاف تبلغه بأن (الشيخ... يقول لك: لا تخطب الجمعة القادمة). فهذا الأسلوب لا يليق مع مرحلة الانفتاح التي أطلقها جلالة الملك من خلال مشروعه الإصلاحي. كما لا يمكن قبول الاستهانة بمقام العلماء والتقليل من قدرهم والتهوين من شأنهم بهذه الطريقة. وقد أحدثت هذه الخطوة غير الموفقة من إدارة الأوقاف مرارة لدى الناس، فهي تُذَكِّرهم بأسلوب قديم في إسكات العلماء وتوقيفهم عن الخطابة، كما حدث في التسعينيات الماضية من إيقاف الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل محمود وشقيقه الدكتور أحمد آل محمود، والشيخ العلامة نظام يعقوبي نابغة الاقتصاد الإسلامي في وقتنا المعاصر، والشيخ الدكتور ناجي العربي، والشيخ خالد محمد عاشير وغيرهم..". عدنان بومطيع، جريدة النبأ 30 ديسمبر 2009م

 

بعد أن استعرضنا معكم بعض الأمثلة التي تعكس الحالة المأساوية التي يعيشها أهل السنة مع إدارة الأوقاف.. نختصر أركان هذه المأساة في ما يلي:

 

1) الإدارة الحالية غير مناسبة تماما للتعامل مع الناس عموما، والمشايخ وأئمة المساجد خصوصا، فهي إدارة تتصف بالعنجهية والاستبداد والتصرفات الفردية والنزعة الانتقامية!

2) مجلس الأوقاف السنية غير مفعّل كما يجب، وخاصة أن فيه أعضاء من ذوي الفضل والعلم يمكن الاستفادة منهم في تعزيز مكانة الأوقاف وزيادة اللحمة بين عموم أهل السنة.

3) عانى الكثير من المشايخ وخطباء الجمعة وأئمة ومؤذني المساجد من سوء المعاملة وعدم التقدير وإجبارهم على كتابة التعهدات المهينة.

4) يعيش المجتمع في وادٍ وتعيش إدارة الأوقاف في وادٍ آخر! فهي تعمل على زيادة مصاعب ومصائب أهل السنة، بدل أن تعمل على تقويتهم في وجه أهل الفتنة وعملاء المشروع الصفوي!

5) تمارس الإدارة سياسة التمييز بين قوى المجتمع المختلفة، وتركّز -بصفة خاصة- على استعداء وتهميش تيار جمعية الإصلاح، الذي يشكل العمود الفقري في منظومة قوى المجتمع المدني السنية، بالإضافة إلى محاولات تهميش وإقصاء بعض الشخصيات الإسلامية المحترمة الأخرى.

6) لا توجد منهجية في إصدار القرارات والإرشادات، ففي حين يتم التعميم أحيانا على الخطباء بعدم التدخل في الشأن السياسي، يتم أحيانا أخرى الإيعاز إليهم بالتكلم في شأن معين مع أنه سياسي بحت! أي أن هذه الإرشادات هي حسب الأهواء والمصالح!

7) إن هذه الإدارة -غير الموقرة- ستكون مسئولة عما ينتج من قلاقل نتيجة لاستمرارها في سياستها الرعناء هذه. وخاصة أن الجهود يجب أن تتجه لرصّ الصفوف لإنقاذ الوطن من براثن (عملاء إيران) و(عبيد أمريكا)!

8) يجب على (القيادة الرشيدة) أن تتصرف بسرعة لإنقاذ الوضع من التدهور الكامل.. وأول خطوة في خطة الإنقاذ: وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. وكلمة (المناسب) هنا تعني: الإخلاص والكفاءة.. ولا تعني: النسب والمجاملة!!