مأساة الحزب الإسلامي العراقي
الحزب الإسلامي العراقي هو المكون الأبرز والأقوى لأهل السنة في العراق، أو هكذا كان!
شارك الحزب بفعالية في الحياة السياسية في العراق منذ بدايات الاحتلال الأمريكي عام 2003م، وكان يحقق نتائج لا بأس بها في الانتخابات النيابية، ثم أخذ الحزب يضعف وتقل شعبيته شيئا فشيئا حتى كاد أن يتلاشى، لدرجة أنه لم يشارك في الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2021م، والذين ترشحوا من أعضاء الحزب كمستقلين لم ينجح منهم أحد! ما الذي أودى بهذا الحزب الإسلامي "السني"؟
لقد فشل الحزب فشلا ذريعا في المحافظة على "الهوية السنية" والدفاع عنها أمام التحديات والمؤامرات، على عكس ما كان يفعل الشيعة والأكراد لأجل هويتهم "الشيعية" أو "الكردية".
بل كان خطاب الحزب خطابا "وطنيا" في بيئة لا تسمن فيه هذه الوطنية ولا تغني من جوع، فقد كان هذا الوطن العزيز تحت هيمنة المجوس، وبمباركة النصارى واليهود!
كما أن السياسة التي اتبعتها الحركة الإسلامية السنية في ظل الاحتلال أدت إلى حالة من الحيرة والاضطراب والفتن بين صفوف أهل السنة، فقد انقسم الإسلاميون (من نفس التوجه) إلى قسمين: قسم شكل تنظيمات مسلحة لمقاومة "المحتل الأمريكي"، وقسم آخر تعاون مع "المحتل الأمريكي" وشارك في (مجلس الحكم) الاستعماري الذي أسسه المستعمر (بول بريمر)، وكان ممثل الحزب الإسلامي العراقي في هذا المجلس هو الدكتور محسن عبدالحميد، الأمين العام للحزب حينذاك. فكان الكوكتيل العجيب: "الجهاد ضد المحتل + التعاون مع المحتل"!
هذه السياسة أدت إلى تراجع شعبية الحزب، حتى وصل الأمر إلى إحراق مقراته من قبَل المتظاهرين في المدن السنية.
انظروا إلى العقلية التي تقود الحزب اليوم..
أدلى الأمين العام الحالي للحزب، رشيد العزاوي، أثناء مقابلة معه على إحدى الفضائيات، متفاخرا متباهيا بهذ التصريحات: "أنا أسعى منذ أكثر من ثلاث سنوات لضم بعض الشيعة للحزب... الشيعة موجودين الآن في الحزب الإسلامي وإنشاء الله يصلون للقيادات..."! (المصدر: قناة آي نيوز، أبريل 2020م)
وبالمناسبة، علاقات رشيد العزاوي (وماهو برشيد) بإيران محل الريب والشكوك، وزياراته لإيران لا تنقطع.
ومعلومة أخرى: العزاوي هو عضو سابق في البرلمان، وقد فاز بالانتخابات النيابية عن محافظة بابل مرشحاً عن قائمة "النصر" التي يتزعمها حيدر العبادي، أحد قادة الشيعة ورئيس الوزراء السابق!
إنه انبطاح عجيب أمام عصابات الشيعة التي ارتكبت كل أنواع الجرائم بحق أهل السنة (قتل، تعذيب، خطف، اغتصاب، تهجير، هدم المساجد..) والقائمة طويلة.
هذا العزاوي ليس وحده صاحب البلاوي، بل يبدو أنها سياسة عامة للحزب.
لنقرأ هذا الخبر: "امتدح رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري (ينتمي للحزب الإسلامي العراقي) منظمة بدر الشيعية المسلحة، وقال: إن منظمة بدر التي تحمل تاريخا طويلا في الوقوف ضد الدكتاتورية طوال سنوات مضت تستحق التهنئة والتقدير والإشادة.. إنها تعمل مع أبناء الوطن للدفاع عن وحدته وكرامته ضد الإرهاب.. وأمينها العام يقف موقف ابن العراق البار، وهو يقود شباب الوطن في معارك الشرف ضد الإرهاب"! (المصدر: عربي 21، بتاريخ 10 يوليو 2015م)
هكذا يذبحون أهل السنة، وهكذا يمتدحهم هذا القيادي في الحزب الإسلامي العراقي.
إليكم نموذج أخير، ونرجوا منكم أن تتحملوا. بطلنا هذه المرة هو الدكتور طارق الهاشمي، الأمين العام السابق للحزب، والنائب السابق لرئيس الجمهورية.
يقول الخبر: "تواصلاً للدعم والاهتمام الذي يوليه الأستاذ طارق الهاشمي الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي، نائب رئيس الجمهورية لشريحة الشباب واستمراراً لمشروع المصاهرة الوطنية الذي تبناه سيادته لدعم الزواج المختلط بين العراقيين من المذاهب المختلفة، أقيم في قاعة السلام بقضاء الصويرة حفل توزيع منحة الأستاذ الهاشمي على المتزوجين الجدد من أبناء القضاء بحضور السيد قائمّقام قضاء الصويرة والسيد مدير شرطة القضاء بالإضافة إلى حشد كبير من شيوخ العشائر والوجهاء وأهالي الصويرة.. وكان الاستاذ الهاشمي قد أعلن في شهر تشرين الاول عام 2007م عن مشروع اسماه (مشروع المصاهرة الوطنية) ليكون رافدا لمشروع المصالحة الوطنية دعا من خلاله إلى كسر طوق الطائفية المقيتة حيث وصل عدد المشمولين به حتى الآن أكثر من ثلاثة آلاف شاب وشابة ومن مختلف المحافظات". (المصدر: الحزب الإسلامي العراقي، بتاريخ 13 مايو 2009م)
هذا ما كان ينقص أهل السنة، وهذا ما ينقذهم من جحيم الطائفية: أن نزوج شبابنا من شيعيات، ونزوج بناتنا لشيعة، كي لا يلدوا إلا فاجرا كفارا! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هل عرفتم الآن لماذا انقرض الحزب الإسلامي العراقي، أو كاد؟
"اللّهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشيدا، تعز فيه وليك، وتذل فيه عدوك، ويعمل فيه بطاعتك، وتنهي عن معصيتك".