الرسائل البحرينية في المسألة الشيعية (70) :: 12 مايو 2015م

سنة العراق ومثلث الشر

المشاكل في العراق قديمة قدم التاريخ نفسه، ولكن منذ عام 2003م، أي منذ أن بسط التحالف الصليبي المجوسي سيطرته على وادي الرافدين، بدأت المرحلة الأشرس والأخطر بالنسبة لأهل السنة منذ الاجتياح المغولي للمنطقة عام 1258م.

 

معاناة ومصائب أهلنا في العراق في ازدياد مستمر. المذابح والاغتيالات والاعتقالات والتعذيب والتهجير على قدم وساق، يقوم بها مليشيات كسرى بكل فخر واعتداد.

آخر هذه الجرائم ما صاحب دخول مدينة تكريت من أعمال همجية على يد جنود ومليشيات الحشد الكسروي، وما يمارس الآن من قصف متعمد على أهداف مدنية في مدن الأنبار بدعوى محاربة داعش.

وقبل ذلك، المذابح التي تعرض لها المصلون الراكعون الساجدون في مساجد المقدادية بمحافظة ديالي في فبراير 2015م.

كما تناقلت الوكالات نبأ "إحراق شبان شيعة مخيماً يضم عدداً كبيراً من الخيم المخصصة للنازحين السنة من أهل الرمادي في وسط بغداد, وذكر شهود عيان أن جمعا كبيرا من المواطنين الشيعة هاجموا مخيماً للنازحين السنة في منطقة السيدية وقاموا بإحراق خيامهم واختطفوا عشرة شبان من أهل السنة النازحين عن مدينة الرمادي".

 

تلك مجرد أمثلة لما يتعرض له أهل السنة في العراق الحبيب، والمسئولية الكاملة ملقاة على من تسبب في خلق هذا الجو الناتج عن الاحتلال، أي الأمريكان والشيعة.

 

ولكن من هو الطرف الثالث، أو الضلع الثالث من مثلث الشر، الذي يتحمل المسئولية أيضا عن هذه المأساة؟!

إنهم قادة أهل السنة من الساسة، الذين تصدروا المشهد منذ الاحتلال، وقادوا أهل السنة من كارثة إلى أخرى، فلا اتعظوا من الأخطاء، بل كرروها باقتدار، ولا تخلصوا من السلبيات بل أدمنوا عليها..

دخلوا مجلس الحكم تحت قيادة المجرم بريمر، وشكلوا الأحزاب والتحالفات ليدخلوا بها انتخابات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تحقق فائدة واحدة فقط تسمح للأمريكان والشيعة أن يزعموا أن العراق يعيش الآن الحرية والديمقراطية والانفتاح!

تحالفوا مع إياد علاوي، الشيعي المتظاهر بالعلمانية والقومية، فلا أرضا قطعوا ولا ظهرا أبقوا.. لا خطة محكمة ولا إستراتيجية واضحة ولا عمل سياسي متقن ومخطط له بحكمة ودهاء، بل تخبط وتناقضات تجعل الحليم حيران، والعابد الزاهد سكران!

 

في 4 أبريل 2015م، قام سليم الجبوري، رئيس البرلمان العراقي وأحد رموز السنة بزيارة لـ(السيد) مقتدى الصدر الزعيم الشيعي المعروف. ثم وقف الجبوري بجانب الصدر، مزهوا متفاخرا بهذا الفتح المبين، قائلا: "قدمنا إلى السيد مقتدى الصدر شكرنا وتقديرنا العاليين، على مواقفه الوطنية الداعية إلى نبذ الفرقة وبناء الدولة على أسس صحيحة.. إننا نحتاج إلى مثل هذه الآراء في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ونحتاج إلى وحدة الموقف العراقي"!!

ومن الذي قتل ودمر واستولى على مساجد السنة منذ 2003م يا سليم الجبوري! هل هذه دبلوماسية! حتى هذا المسخ المسمى بـ(السيد) مقتدى الصدر يخدعنا ويتلاعب بساستنا!

سليم الجبوري مع مقتدى الصدر

سليم الجبوري مع مقتدى الصدر: فتح مبين!

 

وإليكم فتح مبين آخر تحقق على يد قائد مغوار آخر من ساسة أهل السنة. في أواخر أبريل 2015م، التقى صهيب الراوي محافظ الأنبار بـ(الشيخ) قيس الخزعلي، قائد مليشيات (عصائب أهل الحق)، وطالب المحافظ الهمام بـ"ضرورة مشاركة الحشد الشعبي لإخوانهم من أبناء عشائر الأنبار بتطهير المحافظة من زمرة داعش التكفيرية"!!

وقيس الخزعلي هو المنافس الأكبر لمقتدى الصدر في تصفية أهل السنة.. من أي كوكب نزلت إلى أرض العراق يا صهيب الراوي!

صهيب الراوي مع قيس الخزعلي

صهيب الراوي (يسار) مع قيس الخزعلي: فتح مبين آخر!

 

أمور لا تكاد تصدق..

عندما كانت المليشيات الشيعية تفتك بأهل السنة، هل تعلمون ماذا كان يفعل طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والرمز السني الأبرز؟!

كان يوزع الجوائز التقديرية والتشجيعية على أصحاب الزواج المختلط، أي السني الذي يتزوج شيعية أو السنية التي تتزوج شيعيا!!

هذا، بينما كان قادة الشيعة مشغولين بحشد المليشيات وتخزين السلاح وتوفير التدريب انتظارا لساعة الحسم.

 

أما الشيخ حارث الضاري رحمه الله فقد ظل إلى آخر لحظة من حياته وهو يمتدح مقتدى الصدر باعتباره بطلا وطنيا يقاوم المحتل!

وظل مؤمنا بخرافة "الشيعة العرب" حتى الرمق الأخير.

 

يجب أن (ينقرض) هؤلاء الساسة، لعل الله سبحانه وتعالى يستبدلنا بغيرهم، ثم لا يكونوا أمثالهم.