الرسائل البحرينية في المسألة الشيعية (27) :: 24 يوليو 2012م

شيعة السعودية: جذور قرمطية وأحلام صفوية

يرجع تاريخ الوجود الشيعي في المنطقة الشرقية للجزيرة العربية إلى أواخر القرن الثالث الهجري، عندما قامت دولة القرامطة على يد الزنديق الفارسي أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنّابي، الذي كان يدين بالديانة الشيعية الإسماعيلية.

استمرت هذه الدولة قائمة ككيان سياسي لحوالي قرنين من الزمان (286-469هـ)، اقترفت خلالها كل صنوف الإجرام والإرهاب بحق المسلمين في الجزيرة العربية والعراق والشام.

وكانت هوايتهم المفضلة مهاجمة قوافل الحجاج وارتكاب المجازر البشعة في حق زوار بيت الله الحرام.

 

يقول ابن كثير في حوادث سنة 317هـ:
"فيها خرج ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافت الركوب هناك من كل جانب، فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم واستباح قتالهم، فقتل الناس في رحاب مكة وشعابها حتى في المسجد الحرام وفي جوف الكعبة، وجلس أميرهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي -لعنه الله- على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله، في المسجد الحرام في الشهر الحرام ثم في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول: (أنا بالله وبالله أنا.. يخلق الخلق وأفنيهم أنا) .. ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، وجاءه رجل فضرب الحجر بمثقل في يده وقال: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود شرفه الله وكرمه وعظمه وأخذوه معهم حين راحوا إلى بلادهم، فكان عندهم اثنتين وعشرين سنة حتى ردوه". (البداية والنهاية لابن كثير)

 

كان حكم القرامطة، النواة الأولى لتشكيل ملامح المشروع الشعوبي المناهض للأمة في هذه المنطقة. وكثير من الظواهر الدينية والاجتماعية الغريبة في الإحساء والبحرين تعود جذورها إلى هذه الحقبة السوداء، منها ما ذكره المؤرخ عبد الرحيم بن عمر الجوبري الدمشقي أنه رأى "في الأحساء عقبا لأبي سعيد الجنّابي يعرفون بالسادة". (المختار في كشف الأسرار وهتك الأستار للجوبري)

وهذا يدل على أن هؤلاء الشيعة الذين يدّعون الانتساب إلى البيت الهاشمي الشريف ما هم إلا نسل الزنديق أبو سعيد الجنّابي الفارسي!!

 

استمر حكم الأسر الشيعية بعد سقوط القرامطة على النحو التالي:
● الدولة العيونية (469-642 هـ)، وكانت إسماعيلية الديانة أيضا، ولكن أقل غلوا من القرامطة.
● دولة بني عصفور (642-705 هـ)، وفيها بدأ التحول من الدين الإسماعيلي إلى الدين الإثنا عشري.
● دولة بني جروان (705-820 هـ)، وفيها اندثرت الإسماعيلية تماما.

 

إذن، استمر حكم الشيعة حوالي خمسة قرون ونصف، حيث نتج عن ذلك وجود تجمعات شيعية كبيرة في بعض مناطق شرق الجزيرة العربية، كالإحساء والقطيف والبحرين، ثم تمكن أهل السنة من إرجاع الحق إلى نصابه، فتوالت الدول السنية حتى الوقت الحاضر، كالعثمانيين والجبور وبني خالد وآل سعود، فاضطر الشيعة (للعودة إلى التمسكن، بعد طول تمكّن)!

وظلت الأحلام السوداء تداعب مخيلتهم، والحقد القرمطي ينبض بشدة من حين لآخر، والاستمداد من الصفوية يقوي هذه المخيلة، ويزيد في هذا الحقد!

وها هو الزنديق الكويتي ياسر الحبيب يدعو من حين لآخر لإحياء دولة البحرين الكبرى، التي تشمل -بالضبط- المنطقة التي كانت تغطيها الدولة القرمطية!

 

وجاءت الفرصة المواتية: الثورة الكهنوتية في إيران عام 1979م، واتخذت الأحداث منحى آخر خطير، تمثل في بروز مشروع شيعي توسعي منظم، وغياب مشروع سني مضاد! وكانت منطقة الخليج العربي -خاصة البحرين والشرقية- هدفا رئيسا لهذا المشروع الشيعي.

 

وكان التيار الشيرازي، الذي يقوده آل الشيرازي وآل المدرِّسي من كربلاء، قد أنشأ أول خلاياه في القطيف والعوامية منذ أواخر السبعينيات، على يد الشيخ حسن الصفـّار، تحت مسمى (منظمة الثورة الإسلامية)، وحصل على الدعم السياسي والمالي من حكومة الخميني، وذلك قبل استفحال الخلاف بين الشيرازيين والخمينيين!

وقاد هذا التيار ثورة تعتمد على المظاهرات وأعمال العنف والتخريب، بدأت مع محرم عام 1400هـ (نوفمبر 1979م)، وانتهت الثورة المزعومة بالفشل الذريع، وهرب حسن الصفار للخارج، تاركا (الثوار) لوحدهم في ساحة الوغى!!

أصيب التيار الشيرازي بنكسة كبيرة بسبب فشل الثورة، وهرب الزعيم! ثم بسبب استفحال الخلاف بين (الآيات العظام)، الخميني ومحمد الشيرازي.

 

بدأ حسن الصفار -في الخارج- يغير من تكتيكه وآليات عمله ابتداء من أواخر الثمانينيات، وبدأ يميل إلى أسلوب الانقلاب (الناعم)، والعودة إلى التقيّة!

وبعد وفاة المرجع الشيرازي عام 2001م، تحول الصفار إلى تقليد المرجع السيستاني، كإعلان صريح منه عن تخليه عن النهج الشيرازي العنيف، ثم شارك في مفاوضات مع الحكومة السعودية بداية التسعينيات، ثم عاد إلى السعودية، ليمارس عمله الانقلابي الناعم، المتستر بغطاء التقيّة الرهيب.

 

أما التيار الشيرازي فلم يستسلم لليأس، وعمل على إحياء وجوده من خلال:
1) إعادة تنظيم صفوفه حركيا، لمتابعة مشروعهم الطائفي..
2) والدعاية لقطبَيْ الشيرازية اليوم: المرجع صادق الشيرازي في قمّ، والمرجع محمد تقي المدرّسي في كربلاء، لضمان واردات الخُمس من الشيعة السعوديين، ومن بينهم عدد كبير من التجار!

 

أحفاد القرامطة نمر النمر وحسن الصفار وياسر الحبيب

 

وكان الرجل الذي وقع عليه الاختيار ليقود المرحلة الجديدة هو الشيخ نمر باقر النمر، وهو من تلاميذ المرجع المدرّسي.

يتبنى نمر النمر خطابا متشددا قريبا من خطاب الشيخ عيسى قاسم في البحرين، بل أشد وأخطر. ويطالب في خطبه آل سعود بالرحيل! ويهدد بالانفصال!

وهو المسئول الأول عن أعمال العنف التي اندلعت في مناطق الشيعة بالتزامن مع الأعمال الإرهابية التي اندلعت بالبحرين في فبراير 2011م، وقد نجحت الشرطة السعودية في إلقاء القبض عليه في الثامن من يوليو 2012م.

 

انتهت المعركة ولم تنته الحرب، فالحرب سجال، وإيران لا تزال رأس الفتنة، والشيعة أكثر الخَلق حقدا ومكرا..

{ويَمْكرونَ ويَمكُرُ اللهُ واللهُ خيرُ الماكرين}
(سورة الأنفال، آية 30)