مشروع ترامب مكمل لمشروع أوباما
مشروع (الشرق الأوسط الجديد) يدخل مرحلته الحاسمة الآن. بدأ الحديث عن هذا المشروع قبل ربع قرن تقريبا، وبدأت الخطوة التنفيذية الأولى في عهد جورج بوش الابن (2001-2009م)، واستمر التنفيذ في عهد باراك أوباما (2009-2017م)، وسيدخل المشروع مرحلته الحاسمة في عهد دونالد ترامب.
المعادلة هي كالتالي: التمكين لإيران من خلال القضاء على أعدى أعدائه: طالبان وصدام، وهذه كانت مهمة بوش الابن..
ثم السماح لإيران بالتمدد والتوسع إلى أقصى حد ممكن، ليبلغ الخوف بالعرب وأهل السنة لأقصى حد ممكن..
ثم التحالف مع العرب وأهل السنة ضد إيران، وتكون إسرائيل في قلب هذا التحالف. هذا هو (الشرق الأوسط الجديد).
كانت الخطوات مدروسة بدقة ومخطط لها بكل مكر ودهاء:
1) تم القضاء على دولة طالبان في أفغانستان، ثم القضاء على صدام وتمزيق العراق وتدميره، وتفرغت إيران للتوسع.
2) السؤال القاصم للظهر هو: مَن ساهم مع الأمريكان وإيران في تدمير العراق؟ الأمريكان الهمج انطلقوا من أراضي مَن؟ وعبروا أجواء مَن؟ ومروا بالمياه الإقليمية لمن؟ وحصلوا على كافة أنواع الدعم اللوجستي ممن؟ بالعربي الفصيح: نحن دمرنا العراق ودمرنا أنفسنا مع العراق، وتم دق إسفين بيننا وبين إخواننا أهل السنة في العراق.
3) توسع النفوذ الإيراني إلى درجة غير مسبوقة، وأصبحت تحيط بجزيرة العرب من كل اتجاه.. كأنما أعاد المجوس بناء امبراطوريتهم من جديد، وأصبحوا أصحاب الكلمة الأولى في العراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان.
4) ظهرت أمريكا بمظهر الحليف العلني لإيران. وتعمد أوباما تخويف الدول الخليجية بسياسته هذه لأهداف تظهر بعد حين. كان أوباما يقيم الدنيا ولا يقعدها لأجل إرهابي مجوسي قبض عليه في البحرين، ولا ينطق بكلمة لمقتل مئات الآلاف من أهل السنة في العراق وسوريا.
5) بدأ الخطاب الصهيوني يتصاعد ضد (الحليف) الإيراني، من أجل لفت الأنظار إلى أن الدول الخليجية ليست وحيدة في مواجهة إيران.
6) بدأ التقارب الصهيوني الخليجي بطرق مختلفة: زيارة وفود رياضية صهيونية لعواصم خليجية، مؤتمرات اقتصادية في عواصم أخرى تشارك فيها إسرائيل، زيارة شخصيات خليجية (مستقلة) للكيان الصهيوني، ووصل الأمر بالنسبة لبعض الدول إلى إجراء مناورات عسكرية مشتركة!
7) لتستمر اللعبة، كان لا بد أن يفوز المرشح الجمهوري في أمريكا، ليتظاهر بتبني سياسة أخرى ضد إيران، مخالفة لسياسة الحزب الديمقراطي.. نقول: ليتظاهر، لأن الاستراتيجيات الأمريكية لا ترسم بناء على ميول وأمزجة الرؤساء. السياسة الأمريكية لا ترسم هكذا.
8) كان فرح العرب وأهل السنة شديدا بالرئيس الجديد، الذي سيقود تحالفا جديدا ضد إيران، تنضم إليه إسرائيل في أقرب فرصة.
9) سيجري تحجيم إيران (نوعا ما)، ليتنفس العرب الصعداء، ثم يتم التركيز على تغيير البنية العربية عامة والخليجية خاصة. وسننتهي إلى وضع شاذ يتمثل في تكريس النفوذ الأمريكي أكثر فأكثر، واندماج إسرائيل في المنظومة الجديدة، وبقاء إيران مصدر تهديد، ولكن بصورة أخف!
10) ستنتهي أحلام إيران بتصدر المنطقة، إذ ستفسح المنظومة الجديدة المجال لإسرائيل بتصدر المشهد.
11) هذه الوضعية الجديدة ستكون مضرة جدا للقضية السنية، إذ سيكون الانطباع السائد هو: تحالف أمريكي صهيوني سني ضد الشيعة و إيران!!
12) سننجح غاية النجاح إذا استطعنا استغلال هذه اللعبة لضرب أو تحجيم إيران دون الرضوخ لإسرائيل. وسنفشل غاية الفشل إذا أدخلنا إسرائيل إلى التحالف من دون إلحاق أي ضرر بإيران.
هل تظنون أن الكلام أعلاه ما هو إلا تضخم أو مبالغة في نظرية المؤامرة؟!
طبيعة سير الأحداث أثناء وبعد الربيع العربي، بل ومنذ هجمات نيويورك في سبتمبر 2001م كفيلة بالرد على هذا السؤال.