الرسائل البحرينية في المسألة الشيعية (92) :: 22 يناير 2018م

الهدف القادم: تركيا

في المقال السابق (أهل السنة يدخلون أيضا عصر الانتظار) قلنا أن الهدف القادم هو تركيا.

 

بعد أن تم احتلال وتدمير أفغانستان عام 2001، ثم العراق عام 2003، وقلبوا الأوضاع في دول (الربيع العربي): تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، وبعد أن دخل مخطط تصفية القضية الفلسطينية حيز التنفيذ، جاء الدور الآن على تركيا، وليس إيران كما يظن البعض، بل إن كل تلك التغييرات السابقة صبت في مصلحة إيران.

وبينما كانت الدول السنية تُخرج من الساحة تباعا، كان يجري في نفس الوقت، التمكين لإيران وأتباعها في المنطقة.

 

تعيش تركيا نهضة غير مسبوقة منذ عهد الجمهورية عام 1924. وهي تتطلع إلى إعادة مجد الأتراك، أكثر مما تتطلع إلى إعادة مجد الإسلام، ولكن هذا التطلع يخدم القضية الإسلامية في المحصلة النهائية، فهل ستسمح القوى المعادية لأهل السنة (الغرب وإيران) لأردوغان أن يمضي قدما في هذه السياسة؟!

 

ماذا فعل الأعداء بالملك فيصل عندما قطع النفط عن أمريكا، وعندما سُئل ما هي أمنيتك قال: "زوال إسرائيل"..

وماذا فعلوا بالجنرال ضياء الحق عندما تحالف مع (الجماعة الإسلامية) الباكستانية..

وماذا فعلوا بالدكتور محمد مرسي عندما أعلن: "سنصنع غذاءنا ودواءنا وسلاحنا"؟!

 

الغرب يعيش عقدة (الإمبراطورية العثمانية) أكثر مما نتصور، وها قد بدأت الحرب غير المعلنة على تركيا، وسيحاولون إلحاقها بالدول السنية الأخرى التي أُخرجت من الساحة تماما. وسيكون ذلك عن طريق إحداث القلاقل الداخلية وتوريطها خارجيا.

 

إليكم بعض الشواهد على الحرب (غير المعلنة رسميا) على تركيا:

 

1) تعاطف الغرب مع الانقلاب الفاشل في عام 2016، وتقديم المأوى لبعض المشاركين فيه، خاصة فتح الله جولن.

 

2) التهديد المباشر للأمن القومي التركي، عن طريق تزويد المليشيات الكردية الانفصالية بالسلاح والعتاد.

 

3) التصريحات الخطيرة للسياسي الأمريكي (ستيف بانون) عن كون "تركيا أخطر من إيران". (جريدة الشرق الأوسط، في 28 أكتوبر 2017)

 

4) الحادثة ذات المغزى التي جرت في النرويج في نوفمبر 2017، أثناء عمليات تدريبية لحلف الأطلسي.

قالت وسائل الإعلام: "اعتذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي عن استخدام اسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكذلك صورة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في تدريب (لوحات التصويب الناري)، في مركز تدريب الناتو، مؤكداً أنه تم إبعاد الشخص المسئول عن ذلك من مركز التدريب مع فتح تحقيق في القضية".

هل كان هذا العمل فعلا تصرفا شخصيا؟!

 

5) نوع الخطاب غير المسبوق الذي يصدر عن تركيا، والمشحون بروح التحدي والتصدي بما لا يمكن للغرب التغاضي عنه. إليكم هذا المثال:

"اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن وجود خمس دول مسيحية دائمة العضوية في مجلس الأمن دون وجود دولة مسلمة واحدة، أمر غير عادل. وأكد أردوغان على أن الإنسانية باتت بحاجة إلى مجلس أمن دولي تُمثل فيه كافة القارات، والجماعات الدينية". (مفكرة الإسلام، في 10 أبريل 2016)

 

6) الأزمة التي يصطنعها حلف الأطلسي مع تركيا بسبب صفقة صواريخ (S-400) الروسية، بزعم أن هذه الصواريخ لا يمكن إدماجها مع المنظومة الأطلسية.

أتعلمون ما المثير في هذه القضية؟ اليونان، العضو الآخر في الحلف، يستخدم صواريخ (S-300) الروسية منذ عام 1999، ولم ينطق الحلف بكلمة واحدة بحق اليونان حتى هذه اللحظة!

 

أصبح من المؤكد أن تركيا مشمولة بالفوضى الخلاقة، والشرق الأوسط الجديد، وصفقة القرن.

 

إحداث التغييرات الخطيرة جدا في المنطقة لم تبدأ في عام 2001 أو 2003 .. لقد بدأت في 1978-1979 .. كيف؟ الجواب في المقال القادم.