الرسائل البحرينية في المسألة الشيعية (93) :: 16 فبراير 2018م

الثورة الإيرانية بداية الفوضى الخلاقة

الفوضى الخلاقة مصطلح سياسي، وله طابع عقائدي أيضا، يقصد به تشكيل وضعية سياسية معينة، ناتجة عن فوضى متعمدة، بتخطيط خفي، لتأسيس (الشرق الأوسط الجديد)، كل ذلك لخدمة مصالح أمريكا وأوروبا وإسرائيل.

 

هذا المصطلح (الفوضى الخلاقة) ظهر إلى الوجود في فترة ما بعد سقوط المنظومة الشيوعية السوفييتية، ولكنه كان معروفا منذ عشرات السنين لدى دوائر التخطيط والقرار الأمريكية تحت مسميات أخرى، مثل: الفوضى البناءة أو التدمير البناء.

 

فهذه الفوضى مدمرة لدول وشعوب المنطقة، ولكنها (إيجابية) بالنسبة للأعداء، فهي لذلك (خلاقة).

 

متى بدأت المراحل الأولى لتشكيل (الشرق الأوسط الجديد) عبر (الفوضى الخلاقة)؟

نعتقد أن البداية كانت: الثورة الإيرانية، التي انطلقت شرارتها الأولى في أكتوبر 1977م، وانتهت بوصول الخميني إلى طهران في فبراير 1979م.

ونعتقد أن هذه الثورة حصلت على دعم حاسم من أمريكا، ولولاها ما نجحت.

 

لقد أرسلت الإدارة الأمريكية الجنرال هويزر (Robert Ernest Huyser)، نائب رئيس أركان القوات الجوية الأمريكية في أوروبا، إلى طهران، بدون إذن من الشاه، وبقي فيها لعدة أيام، أقنع خلالها (أو أَمَرَ) قادة الجيش الإيراني بالتزام الحياد وعدم ضرب الثوار.

 

هذه مقتطفات من مذكرات الشاه محمد رضا بهلوي (ت يوليو 1980)، التي كتبها على عجل في فترة تواجده القصيرة في أمريكا ثم المكسيك:
"جاءني السناتور (أي عضو مجلس النواب الإيراني) محمد علي مسعودي وأخبرني أنه سمع من السكرتير الأول في السفارة الأمريكية السيد جورج ألاميراكيس سرّا مفاده أن نظاما جديدا للحكم في إيران سيحل ... في بداية شهر يناير (1979) حملوا إليّ خبرا مدهشا وغريبا فقد قيل لي: سيدي، إن الجنرال هويزر في طهران منذ عدة أيام ... بقي الجنرال هويزر في طهران بعد رحيلي ببضعة أيام ... قال الجنرال ربيعي خلال المحاكمة الصورية والهزلية التي جرت له والتي سبقت إعدامه أن الجنرال هويزر رمى الشاه خارج البلاد كالفأرة الميتة ... للعلم فإن رحيلي أعلن من واشنطن وليس من طهران بتاريخ 11 يناير خلال مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية سايروس فانس". (مذكرات شاه إيران محمد رضا بهلوي، ص 238-241)

 

الجنرال روبرت ارنست هويزر

General Robert Ernest Huyser (1924 – 1997)

 

لقد لقي الخميني خلال فترة إقامته في باريس، كل أنواع الدعم المالي والفني واللوجستي من الأجهزة الإدارية والمخابراتية الأمريكية والفرنسية.

وقد ذكر الدكتور هوشنك نهاوندي في كتابه الخطير (الخميني في فرنسا) معلومات مهمة بهذا الشأن.

 

استطاعت إيران منذ ثورتها المشئومة عام 1979، أن تحقق الكثير من آمال وتطلعات ومخططات أمريكا في المنطقة، وأصبحت عاملا مهما لتحقيق (الفوضى الخلاقة) وتشكيل (الشرق الأوسط الجديد).